الأول قوله: (كثيراً) فعلى ذلك إذا كان يسيراً من دم أو قيء فإنه لا ينقض الوضوء، فالكثير هو الناقض.
والمشهور في المذهب: أن الكثير لكل أحد بحسبه، فكل مكلف ينظر في الدم الذي خرج منه أهو قليل أم كثير.
ولكن هذا القول – في الحقيقة – لا ينضبط؛ لأن الناس يختلفون في النظر إلى القليل والكثير.
- وذهب ابن عقيل من الحنابلة: إلى أن الكثير إنما ينظر فيه إلى أوساط الناس أي غير المتبذلين ولا الموسوسين.
فالموسوسون قد يرون القليل كثيراً، والمتبذلون قد يرون الكثير قليلاً، فيكون النظر إلى أوساط الناس، فما كان كثيراً بالنظر إلى أوساط الناس فهو كثير، وما كان قليلاً فهو قليل.
فعلي ذلك القطرات التي تخرج، هذه لا تنقض الوضوء.
ومثلاً: رجل أدخل منديلاً في أنفه فخرج فيه شيء من الدم فإنه لا ينتقض وضوؤه في المذهب.
أما إذا خرج كثير رعافاً فإنه ينتقض الوضوء.
ومثلاً: خرج شيء يسير من معدته فلا ينتقض الوضوء، أما إذا كان يملأ الفم أو نحو ذلك فإنه ينتقض.
وهذا القول أصح؛ لأن الضابط الأول – في الحقيقة – ليس بمنضبط؛ لأن الناس يتفاوتون في هذا الباب.
الثاني: قوله: (نجساً) فلو كان هذا الخارج من البدن ليس نجساً بل هو طاهر فلا ينقض الوضوء، فلو خرج منه كالبصاق أو ماء العين أو نحو ذلك – هذه أشياء تخرج من البدن طاهرة وليست بنجسة فلا تنقض الوضوء.
إذن: الناقض للوضوء هو النجس الكثير الخارج من البدن سواء من السبيلين أو غيرهما ينتقض به الوضوء.
أما السبيلان فلا يشترط أن يكون قليلاً أو كثير، بل القليل ينقض الوضوء لإطلاقات الأحاديث، فإن البول أو الغائط أو نحو ذلك ليس فيه هذا التفريق المذكور في الدم ونحوه.