الثانية: أن رهن المبيع غير المكيل والموزون جائز قبل قبضه، مثاله: رجل اشترى سيارة، وقبل قبضها رهنها، فهذا جائز على المذهب، وكذلك لو اشترى أرضا ورهنها قبل قبضها فهذا جائز، لكن إن اشترى مكيلا أو موزونا أو معدودا أو مذروعا فإنه ليس له أن يرهنه حتى يقبضه، وذلك للقاعدة المتقدمة وهي أن ما جاز بيعه جاز رهنه، ولا يجوز بيع المكيل والموزون ونحوهما قبل قبضها ولو على البائع في المشهور من المذهب، واختار شيخ الإسلام أن الرهن جائز في كل مبيع قبض أو لم يقبض، وقد تقدم هذا عند نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما لم يقبض، وأن شيخ الإسلام يرى أن سائر العقود سوى البيع لا يشترط فيها القبض، ومن ذلك الرهن فإنه يجوز فيما لم يقبض، ومثاله: اشترى زيد من عمرو دارا، ولما يقبضها بعد، ثم رهنها، فهذا جائز، وذلك لحصول المقصود فإن التوثيق حاصل كما تقدم في كلام الشيخ السعدي.
قوله [وما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه]
وهذا ظاهر لأنه لا يحصل به الثقة، فما دام لا يجوز بيعه كالموقوف فإنه لا يصح بيعه فلا يصح رهنه، ولا فائدة من رهنه لأن بيعه لا يمكن فلا يحصل به الثقة، وهذه القاعدة قاعدة أغلبية، وقد تقدم بعض الاستثناء فيها، ولكن متى حصلت الثقة فيما لا يجوز بيعه فإنه يجوز رهنه، فلو حصلت الثقة في بعض الديون أو المنافع - على القول بعدم جواز بيعها وقد تقدم اختيار شيخ الإسلام من جواز بيعها - فإنه يصح رهنها.
قوله [إلا الثمرة والزرع الأخضر قبل بدو صلاحهما بدون شرط القطع]
تقدم أن الثمار لا يجوز بيعها قبل بدو صلاحها، وأن الحب لا يجوز بيعه قبل اشتداد حبه، فهل يجوز أن يرهن ذلك أم لا؟