هذه الأثمان التي تقدم ذكرها لا تحتاج في حملها إلى مؤونة، لكن لو كانت أشياء تحتاج في حملها إلى مؤونة كأن يكون قد أقرضه طعاما أو حيوانا أو نحو ذلك ثم طالبه به في بلد آخر فقال هنا: الواجب عليه القيمة، وذلك لأن نقل الطعام أو الحيوان إلى هذه البلد الأخرى تحتاج إلى مؤونة فلم يلزم ذلك، وإنما يلزم بالقيمة، لأن القيمة لا ضرر بها، والقيمة مرجعها إلى البلد الذي يجب عليه أن يقضيه فيها، فمثلا أقرضه حيوانا وطالبه في الخارج، وكان قد استدان منه الحيوان في الداخل، والحيوان هنا يساوي خمسمائة ريال، وفي الخارج يساوي ألف ريال، فإنه يعطيه قيمته هناك، وإن كان لا شك أن الأصلح له أن يقبل ويعطيه إياه مثليا، ولذا قال المؤلف: إن لم تكن ببلد القرض أنقص، فإن كانت ببلد القرض أنقص فإنه يلزمه، مثلا: كانت تساوي في بلد القرض خمسمائة ريال، وتساوي في البلد الآخر أربعمائة ريال، فإنه حينئذ لا ضرر عليه بل له نفع أن يعطيه إياها كذلك، وذلك لأنها ببلد القرض أنقص، كذا قال المؤلف، والعبارة الصحيحة كما قال الشارح (أكثر) ، وعلى هذا فإذا كان القرض أثمانا فطالبه بها في بلد آخر فإنه يلزمه أن يعطيه إياها، إذ لا ضرر عليه في ذلك، وأما إن كان غير أثمان وفي حملها مؤونة فلا تخلو من حالين:
الأولى: أن يكون ثمنها في بلد القرض أكثر فحينئذ يلزمه أن يدفع المثل، إذ لا ضرر عليه في ذلك بل فيه نفع له.
الثانية: أن يكون ثمنها في بلد القرض مساويا أو أنقص فحينئذ لا يلزمه ذلك، بل الذي يلزمه أن يدفع القيمة.
* مسألة السفتجة.