فبمجرد القرض يثبت البدل مثلا إن كان مثليا، أو قيمة إن كان متقوما، ويكون حالا ولو أجله، فللمقرض أن يطالبه متى شاء، وإن كان الاتفاق بينهما أنه على أجل، كأن يتعاقدا بينهما على أن يكون الوفاء بعد سنة، فللمقرض أن يطالبه قبل ذلك، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو مذهب الجمهور، قالوا: لأن القرض يمنع فيه التفاضل فيمنع فيه التأجيل أيضا كالصرف، فالصرف يمنع فيه التفاضل والتأجيل فكذلك القرض، وهذه العلة ضعيفة، ولهذا ذهب المالكية إلى جواز التأجيل، وأنه يكون ملزما فلا يحق للمقرض المطالبة قبل الأجل، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وذلك لأن المسلمين على شروطهم، ولأن الله أمر بالوفاء بالعهد، ولأن المقرض قد أسقط حقه برضاه بذلك الأجل فلا يحل له المطالبة به، وهذا اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والجواب عما ذكره أهل القول الأول أن يقال: هناك فرق بين الصرف وبين القرض من جهتين:

1- الجهة الأولى: أن الصرف بيع، فهو معاوضة، وأما القرض فهو تبرع وإحسان وإرفاق فبينهما فرق والقياس مع الفارق باطل.

2- الجهة الثانية: أنكم تجيزون عدم مطالبة المقرض للمقترض، وهذا تأجيل ولا تجوزونه في الصرف، فلو أن رجلا أعطى آخر دراهم صرفا، فلا يحل التأخير سواء اشترطاه أم لم يشترطاه، وأما هنا فإنه لو أقرضه مائة ألف فإنه يجوز له أن لا يطالبه بل يؤجل مطالبته، وهذا فرق بينهما.

قوله [فإن رده المقترض لزمه قبوله]

هذا ظاهر، فإذا رده المقترض كما أخذه سليما من العيب فإنه يلزمه أخذه ولا يلزمه المقرض بالبدل، فمثلا: استقرض منه حيوان، ثم من الغد أرجعه إليه، فيلزمه أن يقبله إذ لا ضرر عليه في قبوله إلا أن يكون فيه عيب فله رده، وإنما أوجبنا البدل في الذمة لأنه في الغالب يتصرف بهذا الشيء الذي استقرضه فيلزمه المثل أو القيمة على ما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015