هذه مبنية على المسألة السابقة، فلا يصح الرهن لأنه بذلك يصرفه إلى غيره، فالفائدة من الرهن أنه إذا لم يسلمه فإنه يستوفي حقه من الرهن، وهو بذلك يكون قد صرفه إلى غيره، والكفيل فائدته أنه يضمن، فإذا لم يأت المسلم إليه بالمسلم فيه فإنه يدفع - أي الكفيل - من ماله للمسلم، فحينئذ يكون قد صرفه إلى غيره، والراجح ما تقدم من جواز العوض فيه، فيجوز الرهن والضمان والكفالة فيه كغيره من الديون.

باب القرض

قوله [وهو مندوب]

القرض لغة: القطع، واصطلاحا: دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله، والقرض مندوب كما قال المؤلف، فهو مستحب من المقرض، وهو مباح من المقترض، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) [م 2699] ، وروى الإمام أحمد وابن ماجة والحديث حسن لغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن السلف - أي القرض - يجري مجرى شطر الصدقة) [حم 3901، جه 2430] .

قوله [وما يصح بيعه صح قرضه إلا بني آدم]

أي إلا الرقيق عبدا كان أو أمة، فكل ما صح بيعه صح قرضه من دراهم ودنانير وبر وقمح وحيوان وغير ذلك، واستثناء العبد والأمة هو المشهور في المذهب، قالوا: لعدم النقل في هذا، والوجه الثاني في المذهب هو جواز إقراض الرقيق عبدا كان أو أمة، واختاره الموفق ابن قدامة وهو الراجح، إذ عدم نقله ليس بمؤثر لأن الأصل في المعاملات الحل، فلا يشترط فيها النقل، وكثير من المسائل التي هي في باب العقود والمعاملات لم تنقل، فلا يعني هذا أنها لا تحل، وإنما يشترط النقل في تحريمها، ومنع منه المالكية والشافعية في الأمة لئلا يكون ذلك ذريعة إلى وطئها، وأباحوه إن كان المقترض من محارمها، والراجح ما تقدم، ذلك لأنه بالقرض قد ملك هذا الرقيق عبدا كان أو أمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015