2- والقول الثاني أن بيع السلم بيع من البيوع، فهو لا يخالف القياس، وأما حديث: (لا تبع ما ليس عندك) فإنه محمول على أحد احتمالين:
أ- المحمل الأول: أن يكون المراد به بيع العين غير المملوكة، كأن يقول: أبيعك هذه السلعة المشار إليها بكذا وكذا، وهي غير مملوكة له.
ب- المحمل الثاني: أن يبيع موصوفا في الذمة غير موثوق بتسليمه، بل يمكن أن يسلم ويمكن ألا يسلم، فهذا لا يجوز لأن من شروط البيع القدرة على التسليم.
ولا شك أن الأصل في أحكام الشريعة أنها عزيمة لا رخصة، فالأصل في الأحكام أنه لا تخالف القياس، وهذا ما قرره ابن القيم في أعلام الموقعين، وهو اختيار شيخ الإسلام، فالصحيح أن السلم بيع من البيوع، ولا شك أن كثيرا من تفصيلات الفقهاء في هذا الباب مبنية على أصلهم وهو أن السلم يخالف القياس فيشترط فيه ما لا يشترط في البيع، والصحيح ما تقدم، لأن الشريعة لم تنه عن بيع الموصوف في الذمة الذي هو موثوق من تسليمه غالبا، ومن ذلك بيع السلم.
قوله [ولا إلى الحصاد والجذاذ]
لو قال له: أبيعك أو أسلمك أو أسلفك مائة ألف ريال الآن على أن تعطيني كذا طنا من البر إلى الحصاد أو الجذاذ أو نحو ذلك مما هو معروف عند الناس عادة فلا يصح، وهذا هو المشهور من المذهب، قالوا: لأنه يختلف، وقال المالكية وهو رواية عن الإمام أحمد أن ذلك جائز وهو القول الراجح، وذلك لأنه معلوم في العادة، والتفاوت اليسير لا يؤثر، فالتفاوت اليسير كالأيام والأسبوع لا يؤثر، والحاجة داعية إلى ذلك، وهكذا لو قال إلى أن تصرف لنا الدولة أو نحو ذلك فالمذهب أن ذلك لا يجوز، والصحيح جوازه لما تقدم.
قوله [ولا إلى يوم إلا في شيء يأخذه منه كل يوم كخبز ولحم ونحوهما]