اختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم جواز هذا، ودليل شيخ الإسلام على جواز التفاضل والنسيئة أن الذهب بالصنعة قد خرج عن كونه ثمنيا، كما أن الفضة بالصنعة قد خرجت عن كونها ثمنية، فإن الذهب ليس بثمني ما دام مصوغا، بل هو من جنس عروض التجارة، وليس من الثمنية، ولذا لا يشترى به ولا يباع إلا مع أهله المختصين به من أهل الذهب والفضة الذين يعيدونه إلى أصله، فإنه لا شك أن صاحب الذهب المصنع لا يمكنه أن يبيعه بذهب غير مصنع مع التماثل، فإنه حينئذ يذهب قيمة أجرة صنعته، وحينئذ فيحتاج صاحب الذهب إلى أن يأتيه بدراهم، وقد يكون في هذا مشقة، وربا الفضل يباح عند الحاجة كما أجازته الشريعة في العرايا، فإن قيل إن الذهب المصنع شبيه بالتمر الرديء ومع ذلك فإن التمر الرديء لا يجوز بيعه بالتمر الجيد؟ فالجواب أن بينهما فرقا، فإن التمر الرديء، الرداءة فيه صفة خلقية، أي من خلقته، وليس هذا من صنع الآدمي، وأما هذه الصنعة فإنها صنعة آدمي، ويحتاج إلى أن يأخذ عليها أجرا، أضف إلى هذا ما تقدم من العلة في الأمور الربوية، فإن الحلي المصنع ليس بثمني، فيشبه الجواهر ونحوها، فإنه قد خرج عن كونه ثمنيا، وما ذهب إليه شيخ الإسلام وابن القيم هو الراجح، فعليه يجوز بيع الذهب المصوغ بالذهب وبيع الفضة المصوغة بالفضة مع التفاضل، قال صاحب الإنصاف:" وعليه عمل الناس "، والنسيئة كذلك جائزة لما تقدم، وقيده شيخ الإسلام بقيد ظاهر وهو ألا يكون بقصد ثمنيتها، فإن اشترى رجل من آخر ذهبا مصوغا إلى سنة بأربعين ألفا، وقصد الثمنية فلا يجوز، وأما إن قصد كونها حليا فلا بأس، وهذا لحديث فضالة، فإن قوله (فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا) يدل على أنه قصد الثمنية، وأما ما رواه البيهقي عن مجاهد قال: كنت عند ابن عمر فجاءه صائغ فقال: إني أصوغ الذهب، ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه على قدر عمل يدي، فنهاه عن ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015