ظاهر المذهب أنه لا يجوز، ولذا أجازوا الفسخ هنا، فظاهره - وقد صرحوا به - أن إرجاع السلعة إلى البائع قبل القبض على سبيل التبايع غير جائز، وفي هذا ضعيف، ولذا اختار شيخ الإسلام ابن تيمية جواز ذلك، وذلك لأن العلة السابقة منتفية، فإن الشارع إنما نهى عن بيع السلع قبل قبضها خشية الجحود والمماطلة وامتناع البائع من تسليم السلعة، أما والسلعة بيده - أي بيد البائع - فإن هذا انتفاء للعلة المتقدمة، وعليه فالراجح ما اختاره شيخ الإسلام أن البيع على البائع جائز قبل القبض لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.

إذن الإقالة فسخ، ولو قلنا إنها بيع كما هو مذهب بعض أهل العم كالإمام مالك فالحكم كذلك، على أن الصحيح أن الإقالة فسخ لأنها لا تعدوا أن تكون إزالة ورفعا للبيع، وليست بيعا مستأنفا.

* وهنا على المذهب تجوز الإقالة قبل القبض بمثل الثمن، لأنها إن لم تكن بمثل الثمن بل كانت بأكثر منه أو بأقل فإنها بيع، لأنها أصبحت هنا معاوضة.

قوله [ولا خيار فيها ولا شفعة]

فلا خيار فيها لأن الخيار إنما يثبت في البيع والإقالة فسخ وليست بيعا، وكذلك لا يثبت فيها شفعة لأنها إنما تثبت في البيع والإقالة فسخ وليست بيعا، وسيأتي الكلام على الشفعة في بابها.

* مسألة:

حكم الإقالة بعد نداء الجمعة الثاني؟

الحنابلة ذكروا أنها جائزة، وفي هذا نظر، وذلك لأنه ليس المقصود قضية التبايع بل المقصود الانشغال عن الجمعة، ويقع في الإقالة ما يقع في البيع من الانشغال عن صلاة الجمعة، وهذا أمر ظاهر.

* هل تكون الإقالة حيلة على الربا؟

الجواب عن هذا أن يقال إنها لا تكون حيلة على الربا مطلقا وذلك لما تقدم من أن الإقالة لا تصح إلا أن يكون الثمن واحدا، فلا تسمى إقالة مع ربح، لأن الإقالة تبرع، فلا تكون بأقل من الثمن ولا أكثر، فإن كانت بأقل من الثمن أو أكثر فهي بيع وليس بإقالة.

باب الربا والصرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015