والمبيع جزافا (?) صورته: بيعه كومة من الطعام من غير أن يذكر له كيلها، فهذه الصور السابقة يجوز للمشتري أن يتصرف فيها قبل القبض، وهذا هو المشهور من المذهب عند الحنابلة، ولعلهم يستدلون بمثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر وابن عباس: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) وفي رواية (حتى يقبضه) ، فكأن عندهم النهي إنما هو فيما يحتاج إلى استيفاء، وهذا إنما يكون في الأشياء الستة التي سبق ذكرها، وذهب الشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام إلى أن هذا الحكم ليس خاصا بهذه الست بل هو عام فيها وفي غيرها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (حتى يقبضه) ، والحقيقة أن الاستيفاء ليس هو القبض، وعليه فيكون الحكم حتى يستوفيه وحتى يقبضه، ويدل على هذا ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أنه قال: (كانوا يضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم) [خ 6852، م 1527] ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم [د 3499] ، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام جزافا وهو ليس بمكيل، ومع ذلك فقد نهى أن يباع حتى ينقل من موضعه - أي موضع البائع - إلى موضع المبتاع، لأن العلة الثابتة فيما يحتاج إلى استيفاء ثابتة أيضا فيما لا يحتاج إلى استيفاء، فالعلة الثابتة في الست المتقدمة ثابتة في غيرها.
قوله [وإن تلف ما عدا المبيع بكيل ونحوه فمن ضمانه]