والعلة والله أعلم كما بينها شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن البائع قد يمتنع عن تسليم المبيع أو يماطل أو يجحد أو يحتال، ولا سيما إذا ثبت له أن المبتاع قد ربح في بيعه.
وقول الحنابلة بالمنع من التصرفات كلها كما قيده المؤلف هنا بقوله: (ولم يصح تصرفه فيه) فإن هذا منع من كل تصرف، فليس له أن يهبه أو يؤجره أو نحو ذلك، هذا ما ذكره المؤلف وهو أحد القولين في المذهب والمشهور في المذهب، واختاره شيخ الإسلام أن المنع مختص بالبيع، وأن له أن يهب أو يحيل به ونحو ذلك وله الإجارة كذلك، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البيع خاصة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في سنن أبي داود وقد تقدم الحديث: (ولا ربح ما لم يضمن) فهو في ضمان البائع كما سيأتي تقريره، فنهى الشارع إن أن يربح فيه وهو ليس في ضمانه، والربح إنما يكون بالبيع، وهذا للمفسدة المتقدمة، وإن كانت الإجارة فيها ربح لكنه ليس في معنى البيع، ولا يلجأ - في الغالب - البائع إلى جحود أو مماطلة أو نحو ذلك لتصرف المشتري بالإجارة، وهذا القول هو الراجح، وأن للمبتاع أن يتصرف قبل القبض بأي تصرف كان سوى البيع، لأن الشارع نهى عن البيع، وليس سوى البيع بمعناه.
قوله [وإن تلف قبله فمن ضمان البائع]
إذا تلف قبل القبض فمن ضمان البائع، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث السابق قال: (ولا ربح ما لم يضمن) ولذا نهى المبتاع عن البيع لأنه ليس في ضمانه، ويده لم تقع عليه بعد، والضمان إنما يكون على ما وقعت عليه اليد، فالضمان على البائع، فمثلا: تبايعا سلعة، وقبل أن يقبضها المشتري تلفت، فهذا في ضمان البائع، وعليه فيرجع المشتري بثمنه على البائع، لأنها ليست في ضمانه.
قوله [وإن تلف بآفة سماوية بطل البيع]