وأولى من هذا أن يقال: إنه إنما باع بشرط أن يكون المال حاضرا يدفع إليه في نفس المجلس، أما والمال غائب بعيدا عنه فإنه لم يبايع على هذا، ولذا فالصحيح أن المال مطلقا إذا كان غائبا عن المجلس فليس على البائع أن يسلمه، وليس للقاضي أن يلزمه بالتسليم، وهذا هو اختيار الموفق وهو القول الثاني في المذهب، وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو القول الظاهر، لأنه قد يكون عليه ضرر أو مماطلة فليس عليه أن يخرج السلعة إلا على الشرط الضمني لهذا البيع، والشرط الضمني أنه إنما باعه على أن يعطيه ثمنها حاضرا وألا يؤخره تأخيرا يخالف ما تضمنه العقد من إعطائه في المجلس، فهذا هو القول الراجح كما تقدم، وعليه فيحبس البائع السلعة على الثمن.

وقال شيخ الإسلام:" وللبائع الفسخ إن ظهر من المشتري مماطلة " وصوبه في الإنصاف وهو كما قالا، فإن المماطلة ضرر، وحيث كان المشتري مماطلا فإن الخيار يثبت لأن الخيار يثبت لدفع الضرر.

وقول المؤلف (والمشتري) الواو بمعنى (أو) .

قوله [وثبت الخيار للخلف في الصفة ولتغير ما تقدمت رؤيته]

هذا نوع آخر من الخيار وهو خيار الحلف في الصفة، أي أن يصف له المبيع ثم يتبين أنه على غير ذلك، فله الفسخ لضرر، وقد تقدمت القاعدة السابقة وهي أن الخيار يثبت مع الضرر، وكذلك يثبت الخيار لتغير ما تقدمت رؤيته، مثاله: رأى فرسا عند البائع، ثم بعد يومين أو ثلاثة قال: بعني ذلك الفرس، فباعه وكان قد طرأ عليه تغير، وقد تقدم أن الرؤية يشترط فيها أن تكون مع العقد، وقبله بوقت لا يتغير فيه المبيع، فإذا ثبت تغير المبيع فإن هذا غرر فيثبت له الخيار للحوق الضرر به كما تقدم.

فصل

قوله [ومن اشترى مكيلا ونحو صح ولزم بالعقد]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015