فإذا اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن، فالبائع يقول: بعته إياه بعشرين، والمشتري يقول اشتريته منك بعشرة، فقد اختلفا ولا بينة، أما إذا كان مع أحدهما بينة كشهود أو نحو ذلك فإنه يعمل بها، لكن حيث لا بينة أو كان مع كل واحد منهما بينة فتساقطتا فإنهما حينئذ يتحالفان، فيحلف البائع فيبدأ به، قالوا: لأن الحق في جانبه أولى، فإن السلعة بعد التحالف ترجع إليه وهو ربها أولا، وصاحبها سابقا فهو أحق بها، ولا شك أن مثل هذا لا أثر له، فإنه لو حلف المشتري فإن هذا تقديم في الألفاظ لا يترتب عليه تغير في الأحكام، ومثل هذا إنما يكون من باب الأولوية وليس بواجب كما هو المشهور في المذهب، ولا دليل يصار إليه في وجوب أن يحلف البائع أولا، فيحلف البائع أولا: ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا، وهنا يقدم النفي على الإثبات، وعن الإمام أحمد أنه يقدم الإثبات على النفي، وأيضا هذه المسألة ليس فيها ما يقتضي إيجاب تقديم أحدهما من نص أو قياس، فإذا وقع النفي أو الإثبات فقد حصل المقصود، ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا وإنما اشتريته بكذا، ولكل منهما الفسخ إذا لم يرض أحدهما بقول الآخر، إذن لا يقع الفسخ بمجرد التحالف، بل إذا رضي أحدهما بعد هذا التحالف فإن البيع يقر، وهذا شبيه بتعارض البينات، فإن البينات إذا تعارضت فهذا لا يوجب الفسخ، ولذا إذا رضي أحدهما بعد ذلك فإن البيع يقر على ما هو عليه، فإن لم يرض أحدهما بقول الآخر فإن البيع يفسخ، وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام أن القول قول البائع أو يترادان، فلا تخرج السلعة منه إلا بثمن يرضاه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا اختلف المتبايعان ولا بينة فالقول قول البائع أو يتتاركان) ، وفي رواية (والسلعة قائمة) لكن هذه الفظة معلولة لا تصح، أما ما يذكره بعض الفقهاء في هذا الحديث من زيادة لفظ (تحالفا) فلا أصل له في كتب الحديث كما قرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015