فخيار العيب متراخ، فلو أن رجلا اشترى سلعة فوجد فيها عيبا فله الخيار على التراخي، إن شاء غدا، أو بعد شهر أو بعد سنة ما لم يوجد دليل الرضا، كأن يؤجره أو يهبه أو يبيعه ونحو ذلك، فإذا تصرف فيه تصرفا يدل على الرضا فلا خيار له، لأن هذه التصرفات دليل على رضاه بالعيب، وهذا هو المشهور من المذهب وهو قول الجمهور، وعن الإمام أحمد وهو مذهب الشافعي أن خيار العيب على الفور، فمتى علم بالعيب فإنه عليه أن يرده فورا إلا أن يكون له عذر بالتأخير، وإن لم يفسخ بالبيع ثابت حينئذ وليس له الحق في الخيار، قالوا: لأنه سكوته وتراخيه دليل على رضاه، ولأن التأخير قد يلحق الضرر بالبائع، وهذا القول هو الراجح، فالصحيح أن خيار العيب على الفورية لا على التراخي، وأنه متى ثبت عنده العيب فعليه أن يرده ما لم يكن له عذر، ومثل ذلك خيار الغبن والتدليس فإنه على الفور للمعنى المتقدم، ونزيد دليلا وهو أن الأصل في البيوع هو اللزوم والخيار خلاف الأصل، ولأن هذا التراخي في الغالب يورث عداوة وبغضاء وخصومة ونحو ذلك، فالراجح أن خيار العيب على الفورية، ومثله خيار الغبن والتدليس، وقال الحنابلة: بل خيار الغبن والتدليس على التراخي أيضا والصحيح ما تقدم.

ويستثنى من ذلك ما نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بيع المصراة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت له الخيار ثلاثة أيام، فإن قيل: فلم لا نثبت الخيار في التدليس ثلاثة أيام؟

فالجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذكر ثلاثة أيام لأنها هي المدة الكافية للتعرف هل هذه تصرية أم طبيعة منها، ولذا فإنا نمهل كل من احتاج إلى مهلة ليتعرف على هذا المبيع، وتحديد النبي - صلى الله عليه وسلم - خيار التدليس ثلاثة أيام يدل على أنه ليس على التراخي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حدده بأيام والتراخي يخالف ذلك، فإنه ليس محددا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015