إذا قال: أبيعك هذه السلعة ولك الخيار إلى الغد أو إلى الليل، فإن الخيار يسقط بأول جزء منه، فإذا قال: إلى الغد، فإنه يسقط بأذان الفجر، وإذا قال: إلى الليل فإنه يسقط بأذان المغرب، وهذا هو المشهور في المذهب، وعن الإمام أحمد وهو مذهب أبي حنيفة أن الغد كله يدخل وأن الليل كله يدخل، أما أهل القول الأول فقالوا: إن لفظة (إلى) لانتهاء الغاية، فإذا قال: إلى الغد فإنه ينتهي ويكون ذلك بأوله، وقال الأحناف هي بمعنى (مع) كما قال تعالى {وأيديكم إلى المرافق} أي مع المرافق، والراجح أن (إلى) بمعنى (حتى) فهي لانتهاء الغاية، فإن الحد يباين المحدود، وأنت إذا قلت: بعتك هذه الأرض من هذا إلى تلك الشجرة، فإن الشجرة لا تدخل لأن الحد غير المحدود، وأما إذا كان الحد من جنس المحدود فإنه يدخل، كقوله تعالى {إلى المرافق} ، فإن المرفق من اليد، ولذا من حيث اللغة ما ذهب إليه الحنابلة أقوى، والصحيح في هذه المسألة عدم الرجوع إلى اللغة، ولكن المرجع هو العرف، فما تعارف عليه الناس فهو المعتبر، وذلك لأنه عندما يتلفظ بتلك اللفظة إنما يريد ما هو معروف عند الناس، فمثلا الباعة في الأسواق إذا قالوا: لك الخيار إلى الغد، فليس مرادهم بالغد أذان الفجر، وإنما عندما تفتح الأسواق ونحو ذلك، فالراجح أن العبرة في ذلك بالعرف.

قوله [ولمن له الخيار الفسخ ولو مع غيبة الآخر وسخطه]

لكل من له الخيار الفسخ ولو كان الآخر غائبا أو ساخطا، فلا يشترط أن يلتقيا ليخبره بالفسخ، لأنه حق له فله الفسخ متى شاء، وكذلك إن كان الآخر ساخطا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015