فخيار الشرط يثبت في البيع كخيار المجلس، والمسلمون على شروطهم، ويثبت في الصلح بمعناه، وهو الصلح بعوض، وظاهر كلام المؤلف أنه لا يثبت في مثل الصرف والسلم وغيرهما من العقود اللازمة ذات العوض التي تقدم ثبوت خيار المجلس فيها، واختار بعض الحنابلة ثبوت خيار الشرط فيما يثبت فيه خيار المجلس وهذا هو اختيار شيخ الإسلام والشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو الراجح، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون على شروطهم) .
قال شيخ الإسلام:" ويثبت خيار الشرط في كل العقود ولو طالت المدة " ا. هـ
فإن قيل: إن الصرف يشترط فيه التقابض، فيكف يثبت فيه الخيار؟
فالجواب: لا إشكال في ثبوت الخيار مع التقابض، فكل منهما يقبض ماله، وما تعاقدا عليه، ومع ذلك فالخيار ثابت وليس هذا من الربا في شيء، فالصحيح أن كل ما ثبت فيه خيار المجلس فإن خيار الشرط يثبت فيه ولا فرق، وقد أثبت الشارع خيار المجلس في مثل هذه العقود فدل على جواز أصل الخيار فيه فإذا أثبته المتعاقدان لأنفسهم برضا منهم فإنه يثبت لهم.
قوله [والإجارة في الذمة أو على مدة لا تلي العقد]
يثبت خيار الشرط في الإجارة في الذمة مطلقا، والإجارة في الذمة هي الإجارة على بناء حائط أو على عمل بمزرعة أو خياطة ثوب أو نحو ذلك، فيثبت الخيار لأن المسلمين على شروطهم، وليس فيه المحذور الذي ذكر الحنابلة في مثل الصرف والسلم.
وقوله (أو على مدة لا تلي العقد)
فالخيار في الإجارة على مدة معينة فيه تفصيل:
فإن كانت على مدة لا تلي العقد فالخيار صحيح، كأن يكونا في الخامس من محرم فيقول: آجرتك بيتي لمدة سنة، وابتداؤها من أول شهر صفر، على أن يكون لي الخيار لمدة عشرين يوما، فهنا الخيار واقع في مدة لا تلي العقد، لأن العقد لا يثبت إلا في أول صفر، والخيار يكون قبله فيكون صحيحا.