والقول الثاني، وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره جماعة من أصحابه كالمجد وهو مذهب الجمهور: أنه لا يثبت الخلع للتحتاني بخلع الفوقاني قالوا: لأنه إذا خلع الفوقاني فإن القدم ما زالت مغطاة بخف قد لبس على طهارة وهي كخف واحد، وقد تقدم هذا التعليل – فكأن أحدهما ظهارته والآخر بطانته.
وهذا القول أظهر، وأنه إذا لبس الخفين الآخرين ومسح عليهما ثم نزعهما فإنه لا يجب عليه أن ينزع التحتاني ويغسل القدمين بل له أن يمسح على التحتاني ويبقى على المدة الأصلية للخفين أو الأربع خفاف.
واعلم أن الخفين - ونريد بالخفين الخف الأعلى والخف الأسفل - لهما أربع أحوال:
الحالة الأولى:
أن يكونا صحيحين، فهنا لا إشكال في المسألة المتقدمة؛ لأن كليهما يصح أن يمسح عليه منفرداً.
الحالة الثانية:
أن يكونا كلاهما منخرقاً، فكلاهما فيه خرق:
فالمشهور في المذهب: أنه لا يجوز له أن يمسح عليهما جميعاً؛ لأن القدم لم يثبت عليها خف صحيح.
والقول الثاني في المذهب: أنه يجوز أن يمسح عليهما لأنهما بمجموعهما يستران القدم.
وهذا أصح لأن القدم قد ثبت ساتر لها فجاز أن يمسح عليه.
الحالة الثالثة:
أن يكون الأسفل منخرقاً والأعلى صحيحاً، فلا يجوز له أن ينفرد بمسح الأسفل دون الأعلى لأن الأسفل المباشر للرجل منخرق غير ساتر لها – وهذا على القول المرجوح –، خلافاً للراجح الذي تقدم.
وأما الأعلى فإنه يمسح عليه؛ لأنه إذا مسح عليه فيقع المسح على ساتر للقدم.
الحالة الرابعة:
أن يكون الأسفل صحيحاً والأعلى منخرقاً
فهل يجوز أن يمسح الأعلى أم لابد أن يمسح الأسفل؟
قولان في المذهب.
القول الأول: إنه لا يجوز له أن يمسح على الأعلى لأنه بمسحه على الأعلى يباشر المسح بما لا يجوز المسح عليه،
وأما الأسفل فإنه خف صحيح فإذا مسح عليه فإنه يمسح على ساتر صحيح فوجب عليه أن يمسح على الأسفل دون الأعلى.