الرواية الثانية: وهي التي اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول عمر بن عبد العزيز أن ذلك محرم، قال شيخ الإسلام: لأن الأمور بمقاصدها، فهو لم يشتري السلعة إلا قاصدا للثمن، قال رحمه الله:" إذا أتى الطالب ليأخذ دراهم بدراهم أكثر منها - أي هذا هو مقصده - وأعطاه الآخر فهو ربا ولا شك في تحريمه، بأي طريق كان، لأن الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى "، وروجع رحمه الله مرارا - كما ذكر ذلك ابن القيم - وهو يقول بالتحريم ويأبى أن يقول بالحل.

وما ذهب إليه قول قوي، فإن ذلك ذريعة إلى الربا المحرم، وهذا المشتري للسلعة لم يقصدها بل قصد الثمن، ولا عبرة بالأشياء الظاهرة، وإنما العبرة بالمقاصد والنيات وهو قصده الثمن، وهي ذريعة لفتح الباب المتقدم، فالأظهر ما اختاره شيخ الإسلام وأن التورق محرم خلافا للمشهور عند الحنابلة، وذلك لأن الأمور بمقاصدها ولا عبرة بالظاهر.

وقوله (لا بالعكس) : تقدمت صورة بيع العينة، وهي أن يبيع الشيء بنسيئة ثم يشتريها نقدا بأقل من ثمن المبيع، وقال هنا لا بالعكس، فعكس هذه المسألة يجوز، والعكس له صورتان:

الصورة الأولى: وهي أن يبيع الشيء نقدا ثم يشتريه نسيئة بأكثر، مثاله: رجل عنده دار، واحتاج إلى دراهم، فقال لرجل أبيعك هذه الدار بخمسين ألفا نقدا، على أن أشتريها منك بسبعين ألفا نسيئة، فظاهر كلام المؤلف جواز هذا، وهذا ضعيف جدا، وهو مروي عن أحمد أنه يجوز بلا حيلة، والصحيح التحريم، وهو المشهور عند الحنابلة، وهو اختيار ابن القيم، لأنه لا فرق بين هذه الصورة وصورة العينة المتقدمة إلا باللفظ، فلا وجه للقول بجوازها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015