* وهنا قال المؤلف (بعد ندائها الثاني) فدل على أن البيع بعد النداء الأول جائز، وهو كما قال، فإن الله تعالى قال {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} والنداء لصلاة الجمعة عند نزول هذه الآية كان هو النداء الثاني، وأما الأول فإنما هو سنة عثمان - رضي الله عنه - للمصلحة الراجحة في عهده، ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

** أما إذا كان المتعاقدان ممن لا تلزمهما الجمعة فإن البيع صحيح، لكن لو أن امرأة باعت على من تلزمه الجمعة فالبيع باطل وهو محرم، لأنه تعاون على الإثم، وقد قال تعالى {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ، فهي إذا باعته بعد نداء الجمعة الثاني فقد أعانته على المحرم، وهو محرم.

*** يستثنى من ذلك ما إذا كانت له إليه حاجة يلحقه الحرج بتفويته فهذا جائز، كمن اضطر إلى طعام أو شراب أو كسوة، أو اضطر أهل الميت إلى شراء كفن أو نحو ذلك، ويخشون على الميت إن تأخروا في شراء كفنه وحنوطه ونحو ذلك، فهذا جائز، لأن الضرورات تبيح المحذورات.

**** وظاهر قوله تعالى {وذروا البيع} البيع كله قليله وكثيره، فلا يستثنى من ذلك شيء، فالبيع كله محرم، وإن قل، ومن كان يسكن في بيت بعيد عن المسجد، ويحتاج إلى سعي قبل النداء، فإنه يحرم عليه البيع بقدر ما يحتاج إليه من السعي، فإن المسألة السابقة حيث كان يدرك ذكر الله من نداء الجمعة، فإذا سمع النداء فسعى أدرك الذكر الواجب - وهو الصلاة فقط أو الصلاة والخطبة -، أما هنا فإن بيته بعيد بحيث لا يستطيع إدراك الجمعة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

***** مسألة: ما حكم البيع بعد الأذان في الصلوات الخمس؟

ظاهر كلام المؤلف جواز ذلك، والمسألة لها صور في المذهب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015