هذا هو النوع الثاني مما يثبت به البيع، فالصيغة الأولى: الصيغة القولية، والصيغة الثانية: الصيغة الفعلية، وهي المعاطاة، سواء كانت من الطرفين أو من أحدهما، مثال كونها من الطرفين أن يضع المشتري الثمن ويأخذ السلعة، بحيث تكون السلعة معروفة الثمن، فهنا وقعت المعاطاة من الطرفين، ومثال المعاطاة من المشتري أن يقول البائع للمشتري خذ هذا الثوب بدرهم، فيضع الدرهم عند البائع ويأخذ الثوب، فهذه معاطاة من طرف واحد وهو المشتري، ومثال المعاطاة من البائع أن يقول المشتري أعطني هذا الثوب بدرهم، فيعطيه إيه من غير أن يقول قبلت، أو رضيت، فهذه معاطاة من البائع، فسواء كانت المعاطاة من الطرفين أو من أحدهما فهي جائزة، قالوا: لحصول المقصود بها من الدلالة على الرضا، وقد قال تعالى {إلى أن تكون تجارة عن تراض منكم} ، والمقصود حاصل بالصيغة الفعلية كما هو حاصل بالصيغة الفعلية، قالوا: ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يصح عنهم أنهم كانوا في تبايعهم يأتون بالصيغة القولية، قالوا: ولو ثبت لنقل نقلا شائعا فدل على أنهم كانوا يتعاملون بالمعاطاة، ثم لو ثبت شيء من الأدلة يدل على وجود القبول والإيجاب في شيء من عقودهم فإن غالب عقودهم إنما هي على صورة المعاطاة المتقدمة، قالوا: وعليه عمل المسلمين قديما وحديثا، ولو كانت الصيغة القولية شرطا في البيع لنقل لنا ذلك نقلا ظاهرا شائعا مشهورا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولبينه للأمة بيانا واضحا إذ يتعلق بأمر مهم في حياتهم ألا وهو البيع، وعند الشافعية لا يصح البيع بالمعاطاة مطلقا، وعند الحنفية يصح في المحقرات فقط، والصحيح ما ذهب إليه المالكية والحنابلة وكثير من الشافعية أن البيع بالمعاطاة جائز، فالخلاصة أن هناك صيغتان يثبت بهما البيع: