قوله (وقبله) وهذا فيه إطلاق، وتقييده أن يقال أمرا أو ماض مجرد عن الاستفهام أو نحوه، فمثال الأمر أن يقول المشتري: بعني هذا الثوب بدرهم، فيقول البائع: قبلت، فكل لفظ منهما دل على الرضا، ومثال الماضي: أن يقول المشتري: اشتريت هذا الثوب منك بدرهم، فيقول البائع: قبلت، أما إذا كان الفعل ماضيا سبق باستفهام أو نحوه كالتمني فإنه لا يدل على الرضا، كأن يقول المشتري: أتبيعني هذا الثوب بكذا، فيقول: نعم أو بعتك، فقول المشتري أتبيعني هذا الثوب لا يدل على رضاه إذ ليس جازما بالبيع، فقد يخبر بالقبول ولا يرضى، إنما هو مستفهم، ومثل ذلك لو تمنى فقال: ليتك تبيعني هذا الثوب بكذا.
قوله [متراخيا عنه]
ينعقد متراخيا عنه، فإذا تراخى القبول عن الإيجاب فلا بأس، فإذا قال رجل: بعتك هذا الثوب بدرهم، فسكت المشتري ثم قال: قبلت: فإذا ذلك يصح لعدم ما ينافي الرضا المشروط، فإن الألفاظ وضعت للدلالة على الرضا، فإذا قلت: قبلت، فإن الرضا ثابت من الطرفين، ولو كان ذلك على سبيل التراخي، لكن قيده بقوله:
قوله [في مجلسه]
فلو تفرقا عن المجلس فلا، وذلك لأن تفرقهما عن المجلس من غير أن يتم البيع دليل على عدم الرضا، ودليل على الإعراض عنه، فإذا تفرقا ولم يقع القبول فلا بيع، ومثل ذلك:
قوله [فإن تشاغلا بما يقطعه بطل]
فإذا تشاغلا بما يقطع القبول عرفا بطل البيع، كأن يقول بعتك، ثم يتحدثا في أمر خارج عن البيع، ثم قال: قبلت، فلا، وذلك لوجود القاطع، والرجوع في ذلك إلى العرف، فما كان قاطعا في العرف فإن القبول يبطل، ونحتاج إلى استئناف الإيجاب والقبول مرة أخرى.