وأما في الرجعة فله أن ينفل السرية الثلث بعد الخمس، بمعنى إذا قفل الجيش راجعا من القتال فذهبت سرية تقاتل بأمر الإمام فأصابت غنيمة فإنه يخرج أولا من هذه الغنيمة الخمس ثم يعطي هذه السرية ثلث الباقي زيادة على سهمها الأصلي من الغنيمة. واختلفت العطيتان لاختلاف الداعي فيهما إلى الإعطاء لأن هذه السرية في البدء والجيش وراءها فهو ظهر لها، وأما في الرجعة فإن الجيش راجع إلى البلاد الإسلامية وهم قد أوغلوا في بلاد الكفار ولاظهر لهم فكان للإمام أن يعطي أكثر مما يعطيهم في البدء.ولأن الرجعة يقع فيها من الكسل ما لايقع في البدء فإنهم في الرجعة يكونون في شوق إلى بلدانهم وأهليهم فيكون في ذلك مشقة أكثر من المشقة التي تكون عليهم في البدء فلذا كان للإمام أن يعطيهم الثلث وليس هذا واجبا لها وهو للإمام.
الدليل:
ودليل هذا ما ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح في حديث حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ يَقُولُ: (شَهِدْتُ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي الْبَدْأَةِ وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ (?)
وفي رواية بعد الخمس (?) .
فيجوز للإمام أن ينفل السرية في البدأة الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعد الخمس.
* قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى: [ويلزم الجيش طاعته والصبر معه] .
يلزم الجيش طاعة قائد الجيش أو أميره.
الأدلة على لزوم طاعة أمير الجيش:
1 ـ قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي ألأمر منكم] .