ـ ولا يستحب لمن رابط أن يحمل نساءه وذريته في المواضع المخوفة لئلا يظفر العدو بذلك الثغر فيستولي على من فيه من نساء المسلمين وذراريهم. فهو موضع مخوف يحتمل في كل وقت أن يظفر فيه العدو. بل إن القول بالتحريم يقوى في تلك المواضع. فلا ينبغي للمسلمين أن يحملوا نساءهم وذراريهم إلى تلك الموضع المخوفة.
ويستثنى من ذلك أهل الثغر، أي أهل تلك البلدة فإنه لا قرار لحياتهم إلا بذلك. فهم أهل الثغر وسكانه. أما من يأتي إليهم من المرابطين في سبيل الله فليس لهم أن يحملوا نساءهم وذراريهم.
* الحراسة في سبيل الله:
ومن الأعمال الفاضلة: الحراسة في سبيل الله.
1 ـ وقد روى الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ:} عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ { (?)
2 ـ وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنس بن أبي مرثد الغنوي ـ رضي الله عنه ـ وقد بات يحرسهم ليلة:} أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعد ذلك { (?)
واعلم أن الجهاد في سبيل الله ـ المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ أنه أفضل الأعمال، فهو أفضل من سائر النوافل.
الدليل:
1 ـ ما ثبت في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيل له: (أي الناس أفضل؟) فقال:} مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ { (?) ولاشك أن تفضيل المتصف بهذه الصفة وجعله أفضل من غيره يدل على أن هذه الصفة أفضل من غيرها من الصفات.