لما روى الحاكم في مستدركه بإسناد جيد أن امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر نذرت إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرت جزوراً، فقالت عائشة: (لا بل السنة عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة تذبح جدولاً " أي أعضاء " ولا يكسر لها عظم وأن يكون ذلك يوم سابعه فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين) وفي قولها: " لا بل السنة " ثم ساقته، ما يدل على أنه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يثبت ذلك سنة فإنه قول الصحابي لا يعلم له مخالف فيكون حجة.
فعلى ذلك: إن فات السابع فيستحب له أن يتأخر إلى اليوم الرابع عشر فإن فاته اليوم الرابع عشر فيستحب له أن يتأخر إلى اليوم الحادي والعشرين فإن فات اليوم الحادي والعشرين فإنه يذبحها متى شاء.
وظاهر إطلاقهم أنها تذبح عنه ولو كان ذلك بعد بلوغه.
وعند الإمام أحمد أنها إنما تكون عن الصغير أي غير البالغ، وهذا هو الأظهر فإن الأحاديث الواردة في ذلك مقيدة بالغلام والجارية وهما من لم يبلغا. فإن بلغا فليس بغلام وليست هي بجارية.
فهي مشروعة عن الغلام وعن الجارية وحيث بلغا فهي سنة فات محلها، أما ما رواه الطبراني أن: (النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه) فإنه إسناد لا يثبت وقد أنكره الإمام أحمد.
واستحب الحسن وعطاء أن يعق عن نفسه إن لم يعق عنه أبوه وقال الإمام أحمد: " لا أقول به ولا أكرهه ".
الأظهر ما تقدم: وأنه إن بلغ فهي سنة فات محلها، وأما من لم يبلغ وقدر أن يعق عن نفسه فإنه يعق.
والذي يعق عنه في المشهور عند الحنابلة هو الأب فقط، فلا يجزئ أن يعق عنه غيره.
وقال الشافعية: بل كل من ينفق عليه، ممن وجبت عليه النفقة فإنه يعق عنه سواء كان أباً أو أخاً أو عماً.
وذهب بعض أهل العلم وهو اختيارالشوكاني إلى أن العقيقة تجزئ من الأب أو من يجب عليه النفقة أو من غيرهما.