وقال المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام: أنها لا تشرع للحاج بل يشرع له الهدي واستدل على هذا الشنقيطي في أضواء البيان بقوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} قال: فبهيمة الأنعام المذكورة في هذه الآية الكريمة هي الهدي بدليل أن الله عز وجل ذكر الأذان بالحج إليها فقال: {وأذن في الناس} وقال: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} فبين أن العلة من الأذان بالحج أن يشهدوا منافع لهم وأن يذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ومعلوم أن الأضحية لا تحتاج إلى هذا فإن الأضحية تثبت بكل موضع فتبيَّن أن بهيمة الأنعام التي يذكر اسم الله عليها في هذه الآية الكريمة هي الهدايا لا الأضاحي.
ويستدل على هذا أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح عنه ولا عن أصحابه إلا الهدي في حجة الوداع.
وأما ما استدل به جمهور العلماء فإن هذه اللفظة وهي لفظة (ضحى) من تصرف بعض الرواة، بدليل أنها وردت في بعض الروايات (نحر) وفي بعضها (أهدى) .
ويدل على هذا أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن قارنات فدل هذا على أن هذا الذبح كان لهدي التمتع بالقران، وأن لفظة (ضحى) من تصرف بعض الرواة.
فالراجح ما ذهب إليه المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام وأن الهدي هو المشروع للحاج دون الأضحية وأن الأضحية لا تشرع له وإنما يشرع له الهدي فإن أحب استقل من الهدي وإن أحب استكثر كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر مئة بدنة وأشرك علياً معه في ذلك.
وأما الهدي فهو مشروع للحاج وغيره، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الهدايا وهو غير حاج.
فصلٌ
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (تسن العقيقة)