وهو مخالف لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ففي سنن البيهقي بإسناد صحيح: (أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان مخافة أن يُقتدى بهما) أي مخافة أن يقتدي الناس بهما فيعتقدون أنها واجبة.
والقول الأول: هو الراجح، فليس في هذه المسألة إلا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعله لا يدل على الوجوب.
وأما الحديث الذي ذكره الأحناف فهو موقوف على أبي هريرة وهو معارض لفعل أبي بكر وعمر، فيبقى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعله لا يدل على الوجوب.
قال: (وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها)
فذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الصدقة بثمنها ذريعة لترك سنته، والنبي صلى الله عليه وسلم يختار الأضحية على الصدقة بثمنها فكان يضحي - صلى الله عليه وسلم -، فعلى ذلك الأفضل أن يضحي؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: (وسن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً)
يسن له أن يأكل ثلثها، وأن يتصدق بثلثها وأن يهدي ثلثها.
واستدلوا: بأثر عن ابن عمر ذكره الموفق في المغني ولم يعزه وبأثر ابن مسعود ذكره الإمام أحمد فقال الإمام أحمد " نحن نذهب إلى أثر عبد الله) أي ابن مسعود.
وحيث لم نقف على الأثر، فالذي يظهر لي هو اتباع الإمام أحمد في العمل بهذا الأثر فهو من أهل الحديث ومعرفة الآثار وحيث أنه احتج به وليس عندنا ما يضعفه فالأولى هو اتباع هذا الأثر الذي استدل به الإمام أحمد.
فعليه: المستحب أن يقسم الأضحية أثلاثاً فيتصدق بثلثها ويهدي – أي إلى الجار والقريب – ثلثها، ويدخر لنفسه ثلثها هذا في الأضحية.
وأما في الهدي له فالمستحب له أن يأكل شيئاً منه ويتصدق بالباقي، فقد ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أمر ببضعة من كل بدنة فجعلت في قدر فأكلا منها وشربا من مرقها) أي هو وعلي رضي الله عنه فلم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ثلثها بل أخذ ببضعة من كل واحد منها.