فالهدي والأضحية يتعينان فيكونان واجبتين بعينهما بقوله: " هذا هدي أو أضحية " فإن هذه البهيمة تتعين هدياً أو أضحية باتفاق العلماء لا بالنية.
(لا بالنية)
إن نوى أنها هدي أو أضحية فإنها لا تتعين بذلك، وذلك لأن ما أخرجه العبد على وجه القربة لا يثبت إلا بالتلفظ بالتقرب إلى الله عز وجل به لا بالنية المقارنة للشراء، فالنية المقارنة للشراء لا يثبت بها التعيين.
وإنما يثبت التعيين فيما أخرج على وجه القربة بالتلفظ بإخراجه كما لو اشترى رقيقاً بنية إعتاقه أو بيتاً بنية إيقافه فإن العبد لا يتحرر بذلك،
والبيت لا يكون وقفاً بمجرد شرائه مع النية المقارنة للشراء، فإن قال هو حر أو هذا البيت وقف فإنه حينئذ يتعين العبد حراً والبيت وقفاً.
فكذلك هنا مما كان على وجه القربة فالنية المقارنة للشراء لا يثبت بها التعيين بل يثبت ذلك باللفظ فإن تلفظ بلفظ من الألفاظ والتي فيها دلالة على إخراج هذه العين من ملكيته لحق الله تعالى فإنه يثبت بذلك.
ومثل التلفظ تقليد الهدي وإشعاره أو ما يقوم مقام هذا في الأضاحي فإنه يثبت به التعيين.
والإشعار هو أن تدمى صفحة البعير اليسرى حتى يخرج الدم إظهاراً على أنه هدي، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أشعر بدنه وقلدها)
والتقليد هو: أن يوضع فيها على سنة القلادة نعال ونحوها.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أهدى غنماً وقلدها)
وإشعار الغنم ليس مشروعاً بالإجماع، وإنما المشروع هو تقليدها هذا في الهدي، وأما الأضحية فلم يرد شيء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا قلد هديه أو أشعره فإن هذا الفعل يقوم مقام التعيين باللفظ وهذا أصح قولي العلماء، ففي هذه المسألة قولان للحنابلة:
اختار الموفق أنها إن قلدت أو أشعرت فإنها لا يتعين هدياً إلا باللفظ.