والحديث صحيح.
لا شك أن هذا الحديث يشكل على مذهب الجمهور، ولكن ليس فيه ما يدل علي تمام قولهم بل فيه دليل على ما اختاره شيخ الإسلام من أن المسافر إذا كان يشق عليه خلع الخفين ولبسهما، كأن يكون بريداً في مصلحة المسلمين وشق عليه لئلا يؤخر الخير على المسلمين ويشق عليه أن ينزل فيخلع الخفين، فإنه يجوز له أن يمسح ما شاء – هذا هو الذي يدل عليه الحديث المتقدم، وهو حديث لأنه قال (أصبت السنة) ففيه رفع إلي النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا القول هو الراجح – أي أنه لا يجوز أن يزيد علي الوقت المحدود إلا إذا كان في حال السفر وكان يشق عليه أن يخلع ويلبس فإنه يجوز له ذلك.
ويصح أن تكون هذه المسألة من باب القياس علي الجبيرة فإنها لا تؤقت وهي ما توضع علي الكسر، فإنه يمسح عليها مطلقاً من غير تحديد بوقت.
إذن الراجح: ما اختاره شيخ الإسلام من استثناء من يشق عليه أن يخلع ويلبس كأن يكون بريداً في مصلحة المسلمين.
قوله: (من حدث بعد لبس) :
صورة ذلك:
رجل لبس خفه ثم أحدث، كأن يكون توضأ الفجر ولبس خفيه ثم نام بعد الفجر في حوالي الساعة العاشرة، فإنه حينئذ: يكون قد انتقض وضوؤه بمجرد نومه، ففي أول النوم يكون قد انتقض وضوؤه، وهو نام في الساعة العاشرة فيستمر وقت المسح إلي الساعة العاشرة من الغد فيتم له أربعاً وعشرين ساعة.
إذن: الحساب يكون – من الحدث بعد اللبس – وهذا هو مذهب جمهور أهل العلم.
وحجتهم: قالوا: إنه إذا أحدث فإنه – حينئذ – يكون قد جاز له أن يمسح علي الخفين وينقلهما بها الطهارة وسواء فعل الطهارة أم لم يفعلها، فالمقصود أنه جاز له أن يمسح.
لكن هذا فيه نظر فإننا في المثال السابق: إن قلنا إنه نام في الساعة العاشرة واستيقظ في الثانية عشر فهل يمكنه أن يتوضأ في الساعة الحادية عشرة أو الحادية عشرة ونصف وهو غير مكلف وهو نائم، فهذا القول فيه نظر ظاهر.