ومذهب المالكية أنه لا يجزئه وهذا أعظم بعداً من القول المتقدم فإن كونه يقف في النهار فنقول لا يجزئه لأنه أفاض قبل غروب الشمس وأما إذا وقف ليلاً فإنه يجزئه هذا أبعد عن الترجيح من القول المتقدم.
إذن: إن وقف بعرفة أي ساعة من ليل أو نهاراً أجزأ عنه ذلك للحديث المتقدم لكن إن أفاض قبل غروب الشمس من يوم عرفة فجمهور العلماء على أن عليه دماً.
ومذهب المالكية أن وقوفه لا يعتد به.
والصحيح هو مذهب الجمهور من الاعتداد به، ومذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه أنه لا دم عليه لسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولأنه أولى مما اتفق عليه العلماء من عدم إيجاب ذلك عليه إذا وقف ليلاً.
أما إذا خرج من عرفة ثم رجع قبل غروب الشمس، فإنه لا يجب عليه دم، لأنه أدرك الطرف الأخير من النهار وهو غروب الشمس أدركه بعرفة، فكما لو أتى قبل غروب الشمس فوقف إلى غروب الشمس فإنه لا شيء عليه بالاتفاق، فكذلك إذا وقف نهاراً فخرج ثم عاد قبل غروب الشمس فأدرك غروب الشمس فإنه لا شيء عليه.
والحمد لله رب العالمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ثم يدفع بعد الغروب إلى مزدلفة)
فقد ثبت في حديث جابر الطويل في صحيح مسلم وفيه: (فلم يزل وافقاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص فأردف أسامة بن زيد وشنق للقصواء الزمام) (?) فهنا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض إلى مزدلفة من عرفة بعد أن غربت الشمس وهذا هو المستحب، بل هو الواجب عند جمهور العلماء وقد تقدم أن الراجح وهو رواية عن الإمام أحمد عدم وجوب ذلك فالمشروع له ألا يفيض إلى مزدلفة حتى تغرب الشمس.
قال: (بسكينة ويسرع في الفجوة)