وفي هذا نظر؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا لم ينو غسل الجمعة فلا يجزئ عنه، وهو قول في المذهب.

فلا تصح العبادة إلا بالنية وغسل الجمعة عبادة ولم ينوه فلا يجزئ عنه.

قوله: ((وإن اجتمعت أحداث توجب وضوءاً أو غسلاً فنوى بطهارته أحدهما ارتفع سائرها)) :

مثاله: رجل عليه ناقضان، ناقض بخارج من السبيلين، وناقض بالنوم. فتوضأ بنية رفع الحدث الناتج عن الخارج من السبيلين، فهل يرتفع حدثه مطلقاً أم يبقى الحدث المترتب على النوم؟

قال المؤلف: ((إرتفعت سائرها))

قالوا: لأنها ذات حكم واحد، وهي متداخلة في هذا الباب فإذا ارتفع أحدها ارتفع سائرها فأصبح طاهراً مطلقاً.

ـ ولكن قيده بعض الحنابلة بقيد غريب وهو: (بشرط إلا ينوي عدم ارتفاع غيره) .

بمعنى: رجل توضأ وقال: هذا عن حدث النوم وليس عن حدث الخارج عن السبيلين.

ـ وهذا في الحقيقة الذي ينوي هذه النية ليس محلاً للبحث؛ لأنه ليس أهلاً للتكليف، فمثل هذا الفعل لا يصدر في الحقيقة عن مكلف فضلاً أن تكون مسألة ولكنها في الحقيقة من غرائب العلم.

ولو قيل بمثلها وتوقع وقوعها في المكلف فالأصح أنه يرتفع حدثه وإن نوى عدم ارتفاع غيره.

لأن الحكم ليس إليه في رفع الأحداث، وإنما إلى الله ـ عز وجل ـ فمادام أنه توضأ الوضوء الشرعي عن الحدث وإن نوى عدم ارتفاع بعضها فترتفع سائرها.

قوله: ((ويجب الإتيان بها عند أول واجبات الطهارة وهو التسمية)) :

تقدم أن النية واجبة وشرط، فإذا ثبت هذا فيجب أن يشمل النية سائر فرائض الوضوء. وأول فرائضه التسمية، فيجب أن تكون النية سابقة للتسمية.

ـ فإذا قلنا بفرضية التسمية، ثم سمَّى ولم ينو بعد ثم نوى فإنه لا تجزئ عنه؛ لأن هذا الفرض وهو التسمية الذي يختل الوضوء باختلاله لم تثبت فيه النية فيكون حينئذ باطلاً.

وهذه المسألة يدل عليها حديث: (إنما الأعمال بالنيات) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015