وفي البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (كان يتوضأ لكل صلاة) (1) .
فتجديد الوضوء سنة.
وأما ما روى الأربعة إلا النسائي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات) (2) فهو ضعيف.
فالتجديد في الأصل سنة فلماذا قيده هنا بقوله: (مسنوناً) .
قالوا: المسنون هو الوضوء الذي فعل بعد وضوء قد صلي فيه.
فعلى ذلك: لو أن رجلاً توضأ لصلاة الظهر ثم توضأ مرة أخرى لها قبل أن يصليها فهذا ليس بمشروع، فالمسنون إذن هو: التجديد الطارئ على وضوءٍ قد صُلِّيَ فيه.
ـ وقيْده بفيد آخر وهو قوله: (ناسياً حدثه) .
فلو أن رجلاً نوى التجديد وهو ذاكر للحدث فإنه لا يجزئ عنه لأنه متلاعب بالشرع، فكيف ينوي هذه النية وهو ليس على طهارة شرعية؛ لأنه ذاكر لحدثه فحينئذ لا يكون فعل التجديد الشرعي، لأن التجديد الشرعي إنما يكون مع ثبوت الوضوء السابق وهذا لا وضوء عليه فحينئذ لا يجزئ عنه.
ـ إذن: إذا ثبت التجديد بهذين الشرطين وهما: أن يكون مسنوناً، وأن يكون ناسياً لحدثه، فإنه يرتفع الحدث بمعنى: رجل عليه حدث، فلما أراد أن يصلي الظهر ظن أنه مازال على وضوئه فتوضأ وهو ناسٍ لحدثه، فهذا الوضوء منه سنة؛ لأنه طارئ على وضوئه لصلاة الفجر مثلاً فتَذَكَّر بعد أن انتهى من الوضوء أو بعد الصلاة، تذكر أنه لا وضوء له سابق فيكون وضوؤه صحيحاً.
هذا هو المشهور في المذهب.
ـ وذهب بعض الحنابلة وهو اختيار أبي الخطاب والقاضي، ولعله مذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذلك لا يجزئ عنه.
ـ أما أهل القول الأول: فقالوا: هي طهارة شرعية؛ لأنه إنما جدد وضوءه وهو ناسٍ لحدثه فحينئذ تكون طهارته طهارة شرعية فمادام كذلك فإنها تجزئ عنه برفع حدثه.
ـ أما أهل القول الثاني: فقالوا: وإن نوى الطهارة الشرعية لكنه لم ينو طهارة ترتفع بها الأحداث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) .
وهذا القول أصح.