ودليل ذلك: ما صح في سنن أبي داود من حديث المقدام بن معد يكرب الكندي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (غسل كفيه ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما) رواه الإمام أحمد وزاد: (ثم غسل رجليه) (1) .
ورواه الضياء في (المختارة) ، وقد اشترط فيها أن تكون كل الأحاديث التي فيها صحيحة ثابتة، وقد أورد فيها هذا الحديث.
فهذا الحديث يدل على صحة الرواية الثانية فالحديث إسناده صحيح وهو ثابت.
وهذا يقوي القول المتقدم وأن المضمضة والاستنشاق ليسا من الوجه بل هي عضوان منفردان عنه.
فعلى ذلك إذا قدم غسل اليدين على المضمضة والاستنشاق فإنه يجوز ذلك مادام أنه قد فعلهما لأن الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وبقية الأعضاء ليس بمفترض.
وهذا مذهب أحمد في رواية واختاره طائفة من أصحاب أحمد.
إذن: المضمضة والاستنشاق لها باب آخر في باب الترتيب.
أما تقديم الاستنشاق على المضمضة فالمشهور في المذهب جوازه، وقد تقدم أن الراجح هو وجوب تقديم المضمضة على الاستنشاق.
وتقديمهما على الوجه وعلى بقية الأعضاء تقدم أن الراجح جواز تقديم بقية الأعضاء على المضمضة والاستنشاق وكذلك يجوز تقديم الوجه على المضمضة والاستنشاق.
والحمد لله رب العالمين.
الدرس العشرون ... …الأحد: 6 /11/1414هـ
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ: ((النية شرط لطهارة الأحداث كلها)) :
النية: هي القصد والعزم على الفعل، ومحلها القلب ولا يشرع التلفظ بها إلا في الحج لثبوت ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلا فالنية محلها القلب وليس للسان فيها مدخل أصلاً.
ـ وأعلم أن الجهر بالنية قد اتفق بالعلماء على بدعيته حتى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن صاحبه يستحق التعزيز لأنه من البدع المحدثة في الدين.
ـ فإن أسرَّ به ولم يجهر، ويزيد بالاسرار به أن يتلفظ بلسانه من غير أن يجهر به مثل قراءة القرآن في الصلاة فهل يشرع؟