فهنا قوله: (فأحسن وضوءك) يفسره بالرواية المتقدمة وفي رواية لأحمد بإسناد فيه ابن لهيعة وهو ضعيف لكن ذلك التفسير يقوي هذه اللفظة: (ثم رجع فتوضأ ثم صلى) .
قالوا: إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو المفسر للقرآن بفعله، لم يثبت عنه أنه توضأ غير موال بل كل وضوئه على الموالاة.
(2) ـ وذهب الشافعية والأحناف إلى أن الموالاة غير واجبة بل هي مستحبة.
ودليلهم: أنه لم يثبت في الآية المتقدمة، وقد قال تعالى: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق 00) الآية.
والواو لا تفيد التعقيب، بل لو تَرَاخَى فإنه لا حرج.
ـ لكن تقدم الدليل الدال على ذلك من السنة، ثم إن القرآن قد فسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفعله، وقد تقرر عند الأصوليين أن فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمجمل القرآن يعطي حكم ذلك المجمل.
مثاله: النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى المغرب ثلاثاً والعشاء أربعاً والفجر ركعتين والظهر والعصر أربعاً، فهذا فعل وهو بيان لمجمل في القرآن، فيكون فرضاً كما أن قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة) (1) فرض.
ـ المبحث الثاني: في ضابط الموالاة:
قال المؤلف: ((وهي ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله)) : لو أن رجلا غسل وجهه ثم جلس زمناً فغسل يديه هذا الزمن قد جف فيه الماء الذي على وجهه، فحينئذ لا يكون وضوؤه صحيحاً بل يبطل لانتفاء الموالاة.
ـ فإن قيل لهم: لكن الزمان يختلف، ففي الشتاء يتأخر الجفاف وفي الصيف يكون سريعاً.
قالوا: نقيد ذلك بالزمان المعتدل.
فمثلاً: الزمان المعتدل خمس دقائق لأن يجف الماء عن الوجه فلو لم يجف الماء فجلس خمس دقائق فإنه يكون قد قطع الموالاة، وفي الصيف ذهب الماء بدقيقة بسبب حرارة الشمس.
فنقول: ينتظر خمس دقائق؛ لأنه هو الزمان المعتدل.
هذا هو ضابط الحنابلة، وهو ضابط الشافعية أيضا القائلين باستحباب الموالاة فإنهم يستحبونها وهو ضابطها عندهم.