قالوا:لأنه وطء محرم مفسد للصوم فأشبه الجماع من القبل وذهب الأحناف ووجه ذلك صاحب الفروع إلى أنه وأن أفسد الصوم فإنه لا يوجب الكفارة. قالوا:لثبوت الفارق بين الجماع من الدبر والجماع من القبل في أحكام كثيرة فمن ذلك:ثبوت الإحصان فهو في الجماع من الدبر وهو ثابت في الجماع من القبل، ولأن الشهوة لا تتم به وإنما هو على وجه الشذوذ بمخالفة الفطرة – وهذا القول أظهر – فهو مفسد للصوم لكنه لا يوجب الكفارة للفارق بينه وبين الجماع من القبل، فليس بمنصوص عليه، وليس بمعنى المنصوص والأصل هو عدم وجوب الكفارة فلم يثبت بدليل من كتاب الله أو سنة نبيه أو قياس، وهنا لم يثبت في الكتاب والسنة وليس القياس صحيحاً لوجود الفارق بينهما. والله أعلم.
قال: (فعليه القضاء)
هذا هو المشهور عن الحنابلة وغيرهم من أهل العلم أن من جامع في نهار رمضان فإنه يجب عليه القضاء وقد ورد مصرحاً به في رواية أبي داود في حديث المجامع امرأته في نهار رمضان وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صم يوماً مكانه) والحديث قد صححه الحافظ ابن حجر – وسيأتي البحث في هذه المسألة – عند الكلام على القضاء فيمن فعل مفطراً عمداً بلا عذر وقد ذهب جماهير العلماء إلى وجوب القضاء عليه، وقد ورد هنا هذا الحديث الذي له طرق كثيرة يشد بعضها بعضاً، وقد صححه الحافظ.
قال: (والكفارة)
ودليل وجوبها الحديث المتفق عليه المتقدم، فقد أوجب صلى الله عليه وسلم على المجامع في نهار رمضان الكفارة وهي عتق رقبه فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
قال: (وإن جامع دون الفرج فأنزل)
إذا باشر الرجل امرأته وأنزل، فلا يجب عليه الكفارة، كما أنه قد فعل مفسداً من مفسدات الصوم فمع فعل هذه المفسد ويجب عليه القضاء في مذهب الجمهور فإن الكفارة لا تجب عليه.