قالوا:لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) فحديث النفس معفو عنه وظاهر كلامهم الإطلاق وفي الإطلاق نظر، فإن الأظهر أنه إذا كان يستحضر الصور بقصد منه وتطلب مع علمه أن ذلك يورثه إنزالاً فالأظهر هو القول بأنه يفطر:وهذا هو اختيار ابن عقيل وأن كان اختياره على هيئة الإطلاق فإن ابن عقيل قال:أن من فكر فأنزل فإنه يفطر واستدل على ذلك بأن الفكر يأتي باستحضاره، وظاهر كلامه إذا لم يأت باستحضار منه بل كان عن غلبة فإنه لا يفطر بذلك وهذا هو الظاهر فإن هذا يشبه ما تقدم من تكرار النظر مع علمه أن ذلك يورثه إنزالاً أما إذا علم من نفسه ذلك واستدعى الفكر فإنه يفطر، لأنه تعاطى سبباً يورث مفسداً من مفسدات الصوم، تعاطاه باختيار منه فأسبه ذلك المباشرة والاستمناء اللذين يورثان إنزالاً.
قال: (أو احتلم)
فإنه لا يفطر وهذا بإجماع العلماء، والعلة:هي أن هذا الاحتلام لم يكن باختيار منه وينبغي أن يستثنى من ذلك ما لو سبقه فكر، ويعلم أنه إذا وقع منه فكر فبل النوم فإنه يسبب له في الغالب الاحتلام فإنه إذا أوقع ذلك باستحضار عن غلبة فأورثه ذلك احتلاماً وهو يعلم من حاله أن ذلك يحدث منه فإنه يفطر فيما يظهر لي – على ما تقدم في الفكر والنظر ونحو ذلك والله أعلم.
قال: (أو أصبح في فيه طعام فلفظه)
بمعنى:أصبح وفي فيه طعام – أي قد نزل من أسنانه أو نحو ذلك – فلفظه فإنه لا يفطر لأن هذا الطعام الذي قد وقع في فيه وإن كان منه ما تحلل أثناء نومه ودخل في جوفه فإن ذلك لم يكن باختيار منه ولا تقصد أما إذا أبقاه في فيه بعد استيقاظه من النوم ثم تحلل منه بعد ذلك فإن دخل إلى الخوف فإنه يفطر بذلك لأنه حينئذ يكون مختاراً ومتعمداً للفطر.
قال: (أو اغتسل أو تمضمض أو استنثر أو زاد على ثلاث)