ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وفي الحاكم بإسناد صحيح: (من أفطر ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة) ودليل المكره الحديث الصحيح: (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) فمن أفطر مكرهاً فليتم صومه فإن صومه صحيح، فإنما أطعمه الله وسقاه. ولم يستثن المؤلف رحمه الله الجاهل، لأن الجاهل في مذهب الحنابلة وهو مذهب الجمهور يفطر أن أكل أو شرب أو فعل مضطراً جاهلاً – والمراد الجاهل بالحكم -.

واستدلوا:بقوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) لما مر على الرجلين وأحدهما يحتجم والأخر محتجم، قالوا فدل على أنه لا يعذر بالجهل وذهب أبو الخطاب من الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام وهو مذهب إسحاق ومجاهد والحسن وهو مذهب طائفة من السلف والخلف قالوا:هو معذور بالجهل، قياساً للجاهل على الناس، فكما أن الناسي لم يتعمد المفسد للصوم فكذلك الجاهل فإنه لم يتعمده إذا لا تعمد إلا بعلم وإن كان تعمد الفعل.

واستدلوا:بما ثبت في الصحيحين أن عدي بن حاتم لما نزلت: {فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} قال عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض – فوضعتهما تحت وسادي فجعلت أنظر في الليل فلا يتبين ذلك لي قال:فغدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار) وفي رواية: (إن وسادك إذاً إذا وسع المشرق والمغرب) فالمراد بذلك:بياض المشرق وسواده، وبياض المغرب وسواده أي سواد الليل وبياض النهار، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015