قالوا:والجواب عما استدل به الحنابلة أن الحديث الذي استدلوا به منسوخ بحديثنا، ودليل النسخ الآثار الواردة في هذا الباب فمن ذلك:ما ثبت في سنن الدارقطني بإسناد قوي عن أنس بن مالك قال: (أول ما كرهت الحجامة أن جعفر بن أبي طالب احتجم فمرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال:أفطر هذان ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم) وروى الدارقطني والطبراني في معجمه الأوسط بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري قال: (رخص النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم وفي الحجامة) ومعلوم أن لفظ الرخصة لا يطلق إلا عزيمة، وقد كانت العزيمة في الفطر بالحجامة ثم رخص بعد بالحجامة. وثبت في أبي داود بإسناد صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحاب) فكانت العلة هي الإبقاء على الأصحاب لأن إخراج الدم مضعف لليدين ثم بعد ذلك رخص بالحجامة وثبت في البخاري عن أنس أنه قيل له: (أكنتم) ومثل هذا السؤال يكون الجواب عنه عن مذهب الصحابة عامة وإن كان الصحابة مختلفون في هذا، لكن هذا يدل على أن جمهورهم على هذا القول: (أكنتم تكرهون الحجامة للصائم فقال:لا إلا من أجل الضعف) وفي ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة وكرها للضعف) قالوا:وهذه الأحاديث تدل على النسخ.
وقابلهم أهل القول الأول بأن حديثنا ناسخ لحديثكم وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم.