سقطها عنه وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، على أن الشارع متشوق إلى عدم تعليق الذمة بخلاف حقوق الآدمي، أما هذه فهي حقوق الله فاسقطها سبحانه.

والحمد لله رب العالمين.

باب:ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

قال المؤلف رحمه -الله تعالى-: (من أكل أو شرب أو اسقط أو احتقن أو اكتحل بما يصل إلى حلقه أو أدخل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان غير إحليله ... )

هنا يذكر المؤلف مفسدات الصوم:

المفسد الأول فيها:هو الأكل والشرب وقد أجمع أهل العلم على أن من أكل أو شرب فإن صومه يفسد بذلك، يدل على ذلك قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) وبحديث: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) ويثبت الإفساد بقليل والطعام والشراب، فلو ابتلع شيئاً من أسنانه، أو ابتلع قدر الخردلة من طعام فابتلعها فإنه يفطر بذلك.

وهل يفطر بابتلاعه ما ليس بطعام كأن يبتلع حصاه أو خيطاً أو يسف تراباً أو نحوه؟

قال جمهور العلماء:يفطر بذلك واختار شيخ الإسلام أنه لا يفطر بذلك وهو مذهب الحسن ابن صالح. واستدل شيخ الإسلام بأن ذلك لا يصدق عليه أنه أكل، فالأكل إنما يكون للمطعوم الذي يحصل الغذاء به، أما لو ابتلع شيئاً ليس بغذاء كحصاه ونحوها فإنه لا يفطر لأنه قد بلع ما ليس بمطعوم، وهذا القول أظهر، لأن الله إنما حرم الأكل والشرب، وليس هذا من الأكل والشرب.

إذن:لا يفطر إلا بابتلاع ما يحصل به الغذاء، أما لو ابتلع ما لا يحصل به الغذاء فإنه لا يفطر بذلك وقد تقدم أن من ابتلع ما بين أسنانه فإنه يفطر أما ما يجري مع الريق مما يكون بين الأسنان ثم يجري طبيعة مع الريق، فقد أجمع أهل العلم على أنه لا تثبت به الفطر، لكن أن يطلب ابتلاعه فإنه يحصل على الفطر لأنه يصدق عليه أنه أكل وإن كان ذلك شيئاً يسيراً إذا ثبت ذلك فاعلم أن ما دلت عليه الأدلة هو أن طريق الأكل أو الشرب وهو الفم والأنف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015