واستدلوا:بما ثبت في الحديث المتقدم فإنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ووضع عن الحامل والمرضع الصوم) فقد وضعه الله عنهما ولا دليل على أيجابه عليهما، فقد وضعه الله لهما كما وضع الركعتين في الرباعية عن المسافر، وحيث أن الله وضعها ولا دليل يدل على إثباتهما وفي الحديث المتقدم فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (أفطرنا وأطعمنا عن كل يوم مسكيناً) ولم يذكر قضاء، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وقد ثبت في الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن
عمر وابن عباس رضي الله عنهما قالا: (الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي) وصح عن ابن عمر أيضاً ما هو صريح في المسألة، حيث روى معمر في جامعه كما ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستذكار والإسناد صحيح عن ابن عمر أنه:قال: (الحامل إذا خشيت على نفسها تفطر وتطعم ولا قضاء عليها) ولم أر أثراً عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما ثبت عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما والقاعدة عند الحنابلة في فعل هذه المسألة:أن يقال:هو قول هذين الصحابيين اللذين لم يعلم لهما مخالف فيكون حجة - وهذا القول هو الراجح - فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الله أنه وضع الصيام عنهما ولا دليل يوجب القضاء عليهما ثم أيضاً:إن مما يتبين في مسألة الصيام أنه لا يجب الجمع بين القضاء ولا طعام بل الله جعل الإطعام نائباً عن القضاء، كما في قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقون فدية طعام مسكين} أي على الذين لا يرغبون بالصيام وهم يطيقونه عليهم فدية، وهذا الحكم منسوخ في الأصل لكن هذه الآية بقيت محكمة في الإطعام للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة والحبلى والمرضع كما تقدم في أثر ابن عباس رضي الله عنه وهنا فروع على هذه المسألة:
1- الفرع الأول:عند قوله: (وأطعمنا) هذا من باب وإلا فإن الإطعام واجب على من يجب عليه نفقة الجنين أو الولد لأنها إنما أفطرت لمصلحة الجنين، وهذا هو المشهور في مذهب أحمد.