فالمسألة هنا – فيما سوى الغني – كأن يدفعها إلى هاشمي أو إلى عبد أو إلى وارث يظنه بخلاف ذلك ممن هم من أهل الزكاة ثم تبين له أنه هاشمي أو عبد أو وارث – فهنا قالوا: لا يجزئ.

وقال بعض الحنابلة: بل تجزئ قياساً على الغني.

فالغني – عند الحنابلة - إن أعطى من الزكاة ظناً أنه فقير فثبت غناه، فإن الزكاة تجزئ.

واستدلوا: بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) (?) قالوا: فهذا يدل على أنها إن أعطيت الغني بظن أنه فقير فإنها تجزئ وإن تبين أنه غني بعد ذلك.

وقال بعض الحنابلة: بل لا يجزئ أيضاً إن دفعت إلى الغني ظناً أنه فقير وتبين غناه، لأنها لم تدفع إلى أهلها فلم تبرأ بها الذمة. (?)

إذن: المشهور عند الحنابلة: أنها إذا دفعت إلى من ليس أهلاً لها سوى الغني فإنها لا تجزئ، وإن دفعت إلى الغني فإنها تجزئ.

قالوا: وإنما فرقنا بين الغني وغيره لخفاء الغني وظهور غيره، فإن النسب ظاهر والعبودية ظاهرة، والإرث ظاهر وأما الغنى فإنه يخفى غالباً.

وقال بعض الحنابلة: بل لا تجزئ مطلقاً.

وقال بعضهم بل تجزئ مطلقاً.

فعندنا ثلاثة أقوال للحنابلة.

والذي يظهر: أنه إن اجتهد وتحرى فأعطاها من يظنه أهلاً بعد التحري والاجتهاد فإنها تجزئ؛ لأنه قد فعل ما يجب عليه وقد قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} (3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (?) وقال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} (?) وقد قام بوسعه وطاقته وقدرته فسقط عنه الواجب فبرأت بها الذمة – وهذا مطلقاً في الغني وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015