* واعلم أن من تفرغ للعبادة وهو قوي مكتسب فإنه لا يعطى من الزكاة شيئاً؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) وهو قوي مكتسب، والعبادة نفعها لازم به فلم يدفع له من الزكاة شيئاً بخلاف طالب العلم فإنه إن تفرغ للعلم وهو قوي مكتسب ولم يمكنه الجمع بين التكسب وطلب العلم فإن الزكاة تجوز له ويعطى منها لشراء كتب علم أو غيرها؛ وذلك لأنه قائم بمصلحة عامة من مصالح المسلمين والفرق بينه وبين العابد أن العابد قائم بنفع نفسه منفعة لازم له وأما طالب العلم فهو قائم بنفع متعد، فيجوز أن يأخذ منها طالب العلم وإن كان يمكنه التكسب إذا كان يشغله، وأما إن كان لا يشغله عن العلم ويمكنه الجمع بين العلم والتكسب فإنه لا يحل له أن يأخذ منها شيئاً؛ لأنه قوي مكتسب غني بقوته.

قال: (والثالث: العاملون عليها وهم جباتها وحفاظها)

وقسامها وكتبتها وغير ذلك، هؤلاء هم العاملون عليها، لقوله تعالى: {والعاملين عليها} فجباة الزكاة: الذين يجمعونها من الأغنياء.

وحفاظها: الذين يحفوظنها في المستودعات وغيرها.

وقسامها: الذين يصرفونها إلى أهلها، هؤلاء يدفع لهم من الزكاة أجرة وعُمالة على عملهم لقوله: {والعاملين عليها} فتدفع إليهم وإن كانوا أغنياء، فلا يشترط أن يكون العامل فقيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015