جماهير العلماء على وجوب الزكاة في المعادن في الجملة – أي فيه خلاف في أنواع المعادن التي تجب فيها الزكاة، لكنهم مجمعون على أصل هذه المسألة، وأن الزكاة ثابتة في المعادن.
واستدلوا بقوله تعالى: {ومما أخرجنا لكم من الأرض} (1) فيدخل في عمومه المعادن، فإنها مما تخرج من الأرض. وفي الموطأ وسنن أبي داود بإسناد مرسل، وأصله عند أبي داود موصولاً، لكن الشاهد فيه هنا مرسل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم " (?) .
والأظهر أن هذا من قول الراوي، فلا يكون موصولاً ولا مرسلاً، وإنما الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو إقطاعه لبلال بن الحارث المعادن القبلية، وأما قوله هنا: " فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم " فالظاهر أنه من قول بعض الرواة، وهو من حديث ربيعة الرأي عن بعض أشياخه عن غير واحد، فهو إذاً من قول بعض أهل المدينة، فهو قول ربيعة أو من روى عنه، فليس بمرسل ولا بموصول، لكن يمكن الاستدلال بالآية {ومما أخرجنا لكم من الأرض} ، والآية عامة فيدخل في عمومها المعادن.
وعليه العمل عند أهل العلم، فقد اتفقت المذاهب الأربعة كلها على القول بهذا، وأن الزكاة تؤخذ من المعادن في الجملة.
- وخالف في ذلك الظاهرية، فقالوا: لا تجب الزكاة فيها لعدم الدليل، والأصل هو عدم الوجوب.
لكن العمل بعموم الآية المتقدمة، وما تقدم من عمل أهل العلم.
وقد قال الراوي: " فتلك المعادن لا تؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم "، يمكن الاستدلال به بما يسمى بالاستصحاب المقلوب، وهو عكس الاستصحاب الذي يُعد من الأدلة الشرعية.