إذا عُلم هذا، فاعلم أن الزكاة لا تخرج رطباً ولا تخرج عنباً، وإنما تخرج تمراً أو زبيباً، لا خلاف بين أهل العلم في هذا.
فإذا خرصها، فإنه لا يخرجها رطباً ولا عنباً، وإنما ينتظر حتى يتم الجذاذ ويجف الثمر ثم يؤدى بعد ذلك مرة أخرى إلى صاحب المال فتؤخذ زكاته زبيباً أو تمراً.
يدل على هذا ما ثبت في البخاري عن أبي هريرة قال: " كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤتى عند صِرام النخيل – أي عند جدادها – فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره حتى يصير عنده كَوْماً، قال: فجاء الحسن والحسين يلعبان بها، فأكل أحدهما منها تمرة، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخرجها من فيه، وقال: (أما علمت أن الصدقة لا تحل لآل محمد) (?) . والشاهد هنا: أنه كان يؤتى بالتمر وهذا الإتيان كان على وجه الزكاة، بدليل قوله (فإن الصدقة لا تحل لآل محمد) .
إذاً المخرج هو التمر والزبيب، فلا يخرج رطباً ولا عنباً.
مسألة:
إذا اختلف الساعي – الخارص – وصاحب الثمر، اختلفوا في الخرص، فمثلاً: خُرصت من الساعي، فكان مقدارها عشرة أوسق، فلما تم جدادها وحصادها وجففت بعد ادعى صاحب الثمر أنها لتسعة أوسق وليست لعشرة أوسق، فإن قوله يصدق بلا يمين؛ فالناس لا يستحلفون في صدقاتهم، فهي حق لله عز وجل، واليمين إنما شرعت في حقوق الآدميين، هذا إن كان قوله محتملاً.
أما إن كان قوله لا يحتمل كأن يكون الساعي قدرها بخمسة أوسق وادعى صاحب المال أنها خمسة (?) أوسق، والساعي من أهل الخبرة والمعرفة، فإن هذا احتمال بعيد ويتبين به كذب صاحب الثمر، فلا يقبل خبره.