والخرص مصلحته ظاهرة، فإن الغني يحتاج إلى رطبه، ويحتاج إلى العنب من بستانه، فيحتاج إلى أن يأكل هو وأهل بيته، وأن يهدي وأن يتصدق، فإذا منعناه من ذلك حتى يجد الثمر ثم يجفف حتى يكون زبيباً أو تمراً فإن ذلك يفوت عليه الانتفاع بما يحب الانتفاع به من الرطب، وما يحب من إهدائه وصدقته ونحو ذلك، فلهذه المصلحة إذا بدأ صلاح الثمر يأتي الساعي فيقدره من غير أن يأخذ منه شيئاً، بل يقدر الرطب على رؤوس النخل ويقدر ما يجيء منه من تمر، ثم بعد ذلك ينتظر حتى يتم الجداد وحتى يتم الجفاف ثم تؤخذ بعد ذلك الزكاة؛ لأنه إذا لم يفعل هذا، فإن الغني يمنع من أن يتصرف بالرطب لئلا يتصرف بالمال قبل أخذ الزكاة منه، وفي ذلك تفويت لحاجته، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: " غزونا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تبوك، فلما جاء مررنا بوادي القرى، فإذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اخرصوا) فخرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم عشرة أوسق " (?) ، فهذا في خرص النخيل.