والأظهر: عدم اعتبار مثل المحلب، فإن هذا غير مؤثر في هذه المسألة، فالأظهر أن يقال: متى ما ثبتت الخلطة في العرف،فإن الحكم يثبت. فإذا كان عرف الناس أن هذين المالين مختلطين وأنهما كالمال الواحد، فإن الزكاة تجب فيهما على أنهما مال واحد.
وأما خلطة الأعيان، فإنه لا إشكال فيها، فالخلطة فيها ظاهرة جداً؛ لأن المال لا يملكه كل واحد منهما متميزاً عن الآخر، فليس كل واحد منهما يملك شياهاً متميزة عن شياه الآخر، بل هم يشتركون في هذه الشياه. إذاً: إذا ثبتت الخلطة، فإن الزكاة تؤخذ من جميع المال، فإذا أخذت الزكاة، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.
مثال هذا: إذا كان المال الذي وقعت فيه الخلطة قدره أربعون شاة، لأحدهما شاة، وللآخر تسع وثلاثون شاة، فأخذت شاة وقدرها أربعون درهم، فحينئذ يكون الواجب على صاحب الشاة قدر درهم من هذه الشاة، وهكذا.
وإذا كان المال بينهما ثلاثاً، فأخرجت زكاة، فالواجب على كل واحد منهم ثلثها، فتقوّم الشاة، وما كان من حق لأحدهما، فإنه يدفع له.
واختلف أهل العلم هل الخلطة خاصة بالمواشي أم هي عامة فيها وفي غيرها، كعروض التجارة، والحبوب والثمار وغيرها مما تقع به الخلطة؟ قولان لأهل العلم:
القول الأول، هو مذهب جماهير أهل العلم، وهو المشهور عند الحنابلة: أن الخلطة لا حكم لها، ولا أثر لها في الزكاة هنا.
فلو أن لرجلين محل للتجارة، فإن على كل واحد منهما الزكاة بقدر ماله في هذا الدكان، ثم يزكيه إن كان نصاباً.
وإذا اشترك مجموعة في مزرعة، فلكل واحد منهم نصيبه، فيخرج الزكاة فيه إن بلغ نصاباً، وإلا فلا زكاة فيه.
قالوا: لأن النص إنما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خلطة المواشي، وأما غيره فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأصل أن الزكاة في الواحد منفرداً أو مستقلاً عن مال غيره.