ويدل على هذا ما ثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود بإسناد حسن أن رجلاً وجبت عليه بنت مخاض في إبله، فقال: " ذلك ما لا لبن منه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة سمينة فتيَّة " فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك) (?) ، قال الراوي: " فأخذت صدقته في عهد معاوية ثلاثين حقة "، أي قد بلغت إبله ألفاً وخمسمئة.
فالشاهد قوله (فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك) ، فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه الناقة عن بنت المخاض، فدل هذا على أن من تصدق بفريضة أعلى من الفريضة الواجبة عليه، فإن ذلك يجزئ عنه، ومن ذلك إن تصدق بناقة عن شاة، فإن ذلك يجزئ عنه.
ولا خلاف بين أهل العلم في أنه إن تصدق ببنت لبون عن بنت مخاض أو بحقة عن بنت لبون أو بجذعة عن حقة، فإن ذلك يجزئ بلا خلاف، فكذلك في المسألة المتقدمة.
واعلم أن من وجبت عليه سن فلم يجدها، ووجد سناً أعلى منها أو أنزل منها، كأن تجب على رجل حقة، فلم يجدها، ووجد أعلى منها – أي جذعة – وأنزل منها – بنت لبون -، فهو بالخيار، إن شاء أن يدفع أعلى منها ويأخذ شاتين أو عشرين درهماً جبراناً له، وإن شاء أن يدفع أنزل منها ويعطي شاتين أو عشرين درهماً جبراناً للصدقة.
وكذلك إن لم يجد السن التي تليها، ووجد السن التي تلي ما بعدها، فإن جبرانه أربع شياه أو أربعون درهماً، كأن يجب على رجل بنت مخاض، فلم يجدها وفي ماله حقة، فإنه يجوز له أن يدفع الحقة ويُدفع له أربعون درهماً، أو أربع شياه، جبراناً له.