والقول الثاني في مذهب أحمد والشافعي، وهو مذهب أبي حنيفة: أن الزكاة لا تجب فيه، واختاره شيخ الإسلام؛ قالوا: لأن هذا المال لا يمكنه أن ينتفع به ولا يتصرف به، فليس محلاً للنماء والزيادة، والأصل في مشروعية الزكاة إنما هي في الأموال التي يمكن أن تنمى، وهنا هذا المال ليس كذلك. وهذا القول أظهر، وأن الزكاة لا تجب. فهو وإن كان مالاً، وهو داخل في عموم الأموال، لكنه في الحقيقة بمعنى الدين على المكاتب. وقد تقدم أن الدين على المكاتب لا يزكى بالاتفاق؛ لأن الملك فيه ليس بتام، إذ يمكن أن يسقط، وهنا هو بمعناه؛ لأنه لا يمكنه أن يتصرف به، ولا أن ينتفع به، وحيث كان كذلك، فإنه لا يلزم بإخراج الزكاة عنه، لأنه ليس تحت يده حكماً، وحيث كان كذلك، فإنه لا يلزم بأن يزكيه. وهذا القول أظهر.
وحينئذٍ فإنه إذا قبضها استأنف الحول من جديد، فإذا قبض الدين أو وجد المسروق أو أتاه المال الغصوب، فإنه يستأنف حولاً جديداً، فإذا مضى الحول الجديد بالشروط السابقة، فإنه يزكيه.
وقوله [أو حق] من مغصوب أو مسروق.
وقوله [من صداق أو غيره] : كقرضٍ أو ثمن مبيع.
قال: [ولا زكاة في مالِ من عليه دين ينقص النصاب]
هذه مسألة أخرى: في حكم الزكاة على من عليه دين ينقص النصاب.
تقدم أن الزكاة لا تجب إلا إذا كان النصاب تاماً، فإذا كان على صاحب النصاب دين، لكنه دين بحيث إن هذا الدين ينقص النصاب، فلا تجب عليه الزكاة.
مثال هذا: نصاب الذهب عشرون ديناراً، فإذا كان يملك عشرون ديناراً لكن عليه دين لفلان خمسة دنانير، فهي تنقص النصاب، فيكون في الحقيقة مالكاً خمسة عشر ديناراً.
مثال آخر: عنده خمس من الإبل، وعليه دين ينقصها، أي بقدر بعير.
أو عليه دين شاة أو شاتين وعنده أربعون شاة.