الضرب الأول: أن يكون الدين على مليء باذل، أي يكون المستقرض غني باذل، كأن يستقرض رجل من رجل، ويكون المستقرض باذلاً أو يكون لامرأة صداق مؤخر على زوجها، وزوجها باذل مليء، أو رجل باع سلعة على آخر بثمن مؤجل، فهذا داخل في الديون.

الضرب الثاني: أن يكون هذا الدين على غير مليء، بأن يكون معسراً أو يكون على غني مماطل، أو أن يكون الحق محجوراً أو مسروقاً أو مغصوباً، كرجل سُرق ماله أو غُصب.

أما الضرب الأول: فتجب عليه الزكاة عند جماهير العلماء؛ لأن هذا الدين داخل في عموم المال، وقد قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم) ، فهذا الدين مال فيدخل في عموم الأدلة الدالة على الزكاة؛ ولأنه شبيه بالوديعة، والوديعة يجب أن يزكيها مودعها، وهذا المال شبيه بالوديعة؛ لأنه يمكنه أن يتصرف به متى شاء، فمتى أراد أن يتصرف به فإنه يطلبه من هذا المدين فيتصرف به وينميه.

وهل تجب عليه الزكاة عند مضي الحول وإن لم يقبضه، أو أن الزكاة لا تجب إلا عند قبضه، فيزكيه لما مضى؟ قولان لأهل العلم:

ذكر المؤلف القول الثاني، وأنه يزكيه إذا قبضه لما مضى، فإذا أقرض زيد عمراً مئة ألف، فإنه يزكيها إذا قبضها، ولو كان ذلك بعد عشر سنوات، فيزكي عن العشر سنوات، ولا يجب عليه أن يزكيها عند مضى كل حول. فإن زكاها عند مضي الحول، أجزأ، لكن لا يجب عليه ذلك. هذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو قول علي كما روى ذلك عنه أبو عبيد في كتاب الأموال بإسناد صحيح؛ ولأنه دين ثابت في الذمة فلم يجب الإخراج قبل قبضه كما لو كان على معسر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015