أما إن كان التغسيل حسناً والتكفين كذلك وكانت صلاته مشهودة فلا بأس بذلك؛ لما تقدم في حديث البخاري. والمشهور أن أبا بكر قد دفنه الصحابة بليل ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً.
قال: (وتسن تعزيه المصاب بالميت)
التعزية: هي التقوية والتسلية والدعاء للميت والحث على الصبر.
وأما المصاب: فهو من أصيب بالميت سواء كان من أهله أو من يربطه به نسب أو صهر، أو من أصدقائه كأن يكون رفيقاً.
فكل مصاب فإنه يعزى سواء كان من أهله أو أصدقائه.
وقد ثبت التعزية من فعله [- صلى الله عليه وسلم -] ، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد: (أن بنتاً للنبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه أن ابناً لها أو بنتاً قد حضرت فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم يُقرئ السلام ويقول: لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى) .
وفيها إحسان للمصاب وللميت وفيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر من حث على الصبر، وفيها معروف من الدعاء للميت فكانت مشروعة، وهذا مما اتفق عليه العلماء.
ولم ثبت بخصوصيتها حديث في فعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عزى مصاباً فله مثل أجره) فقد استغربه الترمذي، وهو كما قال.
ومثله ما رواه ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يعزي أخاه في مصيبة إلا كساه الله من حلل الجنة يوم القيامة) فالحديث إسناده ضعيف.
فلم يثبت حديث بخصوصها، لكنها داخلة في عموم فضل تعزية المسلم في مصابه، سواء مصابه المرض ومصابه في ميت له أو نحو ذلك، وما فيها من الإحسان إلى أهل الميت وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.