واستدلوا بما هو أظهر وهو ما ثبت في مسلم عن عائشة أنها قالت: (يا رسول الله كيف أقول لهم - تعني إذا زرتهم - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين) والحديث، فهذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها ما تقول ولم تقل: كيف يقال، وهو الثابت من فعلها، فقد ثبت في مستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله بن أبي مليكة قال: (أقبلت عائشة من المقابر فقلت: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ فقالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن عوف [الصواب: عبد الرحمن بن أبي بكر] فقلت لها: أو ليس [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] نهى عن زيارة القبور؟ فقالت: نعم ثم أمر بزيارتها) .

فهنا عائشة رأت أنها داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فزوروها فإنها تذكر الآخرة) .

قالوا: ولا مفسدة في ذلك بل فيه تذكرها بالآخرة وترقيق القلب وإدماع العين، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه المرأة - كما تقدم في حديث عمر في المسند – عن اتباع الجنازة، مع أن اتباع الجنازة فيها ما يخاف من الفتنة ما هو أعظم مما يكون في زيارتها، فإن في اتباع الجنازة للمرأة ورؤية الميت مع كون المصيبة حاضرة وحديثة العهد هو أعظم تأثيراً في نفسها من كونها تذهب إلى زيارة القبور - لا شك أنه أعظم -، ومع ذلك فلم يُعزم على النساء في النهي عن ذلك، بل أذن لهن كما في حديث أم عطية، فهذه تدل على قوة ما ذهب إليه جمهور العلماء في هذه المسألة.

فما ذهب إليه الجمهور أرجح مما ذهب إليه الحنابلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015