لكن يستحب ألا يكون المشتغل بالدفن ممن قارف ليلته تلك أهله - أي جامع أهله -، فقد ثبت في البخاري عن أنس قال: (شهدنا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تذرفان فقال: هل منكم من أحد لم يقارف الليلة فقال: أبو طلحة: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انزل في قبرها، فنزل فقبرها) .

وهذا يدل على أنه لا بأس أن يتولى دفن المرأة من لم يكن من محارمها وإن كان المستحب أن يكون ذلك من محارمها؛ لأن مظنة الشهوة بعيدة في هذا الموضع فتكون شبيهة بمحارمه فإن الميتة لا تشتهى.

والمحرم أولى، فقد ثبت في البيهقي: (أنه لما ماتت زينب بنت جحش قالت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يتولى ذلك – أي دفنها – من كان يراها في حياتها فقال عمر: صدقتن) .

والحمد لله رب العالمين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا تكره القراءة على القبر)

فلا بأس أن يقرأ على القبر من القرآن كسورة الفاتحة ويَس أو غير ذلك – هذا في المشهور من مذهب الحنابلة –، وذكروا في ذلك حديثاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جاء إلى المقابر فقرأ فيها يس خفف عنهم وكان له بعددهم حسنات) لكن الحديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ومذهب قدماء أصحاب الإمام أحمد وهو مذهب المالكية والأحناف: كراهة ذلك، بل هو بدعة كما صرح به الإمام أحمد في رواية عنه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو لأهل القبور في المقبرة ولم يصح عنه أنه قرأ شيئاً من القرآن، ولم يثبت ذلك عن أحد من أصحابه فكان حدثاً وبدعة.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – فيما رواه مسلم -: (ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) فهنا شبه النبي صلى الله عليه وسلم البيوت التي لا تقرأ فيها القرآن بأنها مقابر، فدل ذلك على أن المقابر ليست مجالاً لقراءة القرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015